الشرق الأوسط .. الى أين ؟! - Younes Hazzaa

Breaking

الخميس، 3 أكتوبر 2024

الشرق الأوسط .. الى أين ؟!


 



كما رأينا ورأيتم وتابعنا وتابعتم كيف أن الرد الايراني بمئات الصواريخ على اسرائيل كان مُنهكاً ، وقد وصفه الكثير من المحللين بالهزيل .. فالصواريخ نسبة كبيرة منه ظلت طريقها ، والبعض الآخر لم تصل الى أهدافها .. والقليل منها وصلت الى الأهداف لكن يبدو أنها لم تكن محملة بالعبوات الكافية من المتفجرات .. وهذا ما كشفت عنه تلك الصواريخ التي سقط البعض منها في الاراضي الاردنية .. لكن طبيعة ايران هي المبالغة والتضخيم من تأثير صواريخها ..

من وجهة النظر الايرانية يعتبر هذا هو الرد المناسب على جملة من الاستهدافات الاسرائيلية التي شملت اغتيال قيادات عسكرية وسياسية وديبلوماسية ايرانية وقيادات حليفة كان آخرها اغتيال الامين العام لحزب الله حسن نصر الله بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية في قلب العاصمة الايرانية طهران في سابقة شكلت اهانة واستهتار بالقيادة الايرانية ..

لماذا تعتبر ايران ان هذا هو الرد المناسب .. لعدة أسباب :

أولاً : ارضاءً لغرور ايران وحلفائها في المنطقة .

ثانياً : لاظهار قوة القيادة الايرانية أمام شعبها ، فقد قوبل الرد الايراني على اسرائيل بخروج مجاميع شعبية للاحتفاء به .

ثالثاً : لتوجيه رسالة الى الولايات المتحدة الامريكية الحليف الاستراتيجي لاسرائيل بأن ايران موجودة وقوية ، ولا يمكن تجاهلها في أي ترتيبات قادمة في المنطقة .. خاصةً بعد أحاديث رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو المتكررة والتي كان آخرها ذلك الحديث الذي وجهه للشعب الايراني حول شرق أوسط جديد ، وحول سعيه الى تغيير نظام الملالي في ايران ..

 قوبل الرد الايراني بحملة تهكم وسخرية واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي كونه رغم العدد الكبير من الصواريخ  لم يسفر عن ضحايا في صفوف الجيش الاسرائيلي أو في منشآته العسكرية التي حددتها طهران في بنك أهداف ذلك الرد .. بل أن الكثير قارن بين نتائج الهجوم الصاروخي  الايراني وبين  نتائج هجوم البيجر وأجهزة اللاسلكي التي شنته اسرائيل وأسفر في دقائق معدودة عن سقوط العشرات من قيادات حزب الله ، واصابة المئات ، أو الآلاف باصابات خطيرة ..

من جهة أخرى تناول اعلام النظام الايراني وحلفائه ذلك الهجوم الصاروخي باعتباره انتصار كبير ، ولم يتردد عن استخدام العديد من الفيديوهات المفبركة لتضخيمه ، ويندرج ذلك ضمن الحرب الاعلامية والنفسية ..

لكن على أي حال نستطيع القول أن ذلك الرد رفع من معنويات النظام الايراني ، وأسعد حلفائه في كل مكان، وأنعكس بشكل واضح على الجبهة الاسرائيلية اللبنانية في أداء ما تبقى من عناصر حزب الله التي نجحت في اعاقة التقدم البري للجيش الاسرائيلي وتمكنت من قتل واصابة عشرات الجنود .. والذي أكده الاعلام الاسرائيل ، وخروج نتنياهو معزياً أهالي الضحايا ومجددا عزمه على مواصلة المعركة ضد التهديدات لأمن اسرائيل ، واعادة سكان الشمال ، والمختطفين لدى حركة حماس .

    أداء حزب الله اذا اعتبرناه المقاومة اللبنانية  في هذه المعركة لم يكن مفاجئاً لاسرائيل أو للمراقبين لكنه كان متوقعاً الى حد كبير كون المواجهات البرية هي الميدان المناسب للقوات  غير النظامية التي تعتمد على الكمائن والانفاق والعقيدة القتالية المشحونة بالايديولوجيا .. ويتلاشى الى حد ما تأثير التكنولوجية العسكرية التي تتفوق فيها اسرائيل .. لكن التقدم الاسرائيلي البري حتى الآن يعتبر مرحلياً ويبدو كما لو أنه بالون اختبار لقياس القوة العسكرية التي لا يزال يمتلكها حزب الله بعد الضربات القاسية والموجعة التي وجهتها له القوات الجوية الاسرائيلية ..

 

التساؤل الذي يفرض نفسه الآن .. ما هو الرد الاسرائيلي المحتمل على الرد الايراني ، أو الهجوم الصاروخي الايراني الاخير على اسرائيل ..

هناك العديد من الاحتمالات والسيناريوهات لكن واقع الحال والتجربة يؤكد بأن الرد الاسرائيلي سيكون قاسياً ولن يتأخر .. وكعادة اسرائيل فانها تركز في هجماتها على الحاق أكبر قدر من الخسائر المادية على أعدائها من خلال ضرب وتدمير المنشآت الاستراتيجية والبنى التحتية الحيوية ، وتتجنب الى حد ما الحاق خسائر بشرية خاصة في صفوف المدنيين .. لكنها لن تتردد في مواصلة اغتيال القيادات الهامة.

ومن المرجح ان اسرائيل سوف توجه ضربة قوية للمنشآت النفطية الايرانية الى جانب ضرب منصات الدفاعات الجوية الايرانية .. فيما يستبعد الكثير اقدام اسرائيل على استهداف منشآت نووية نظراً للمخاطر المحتملة من تسرب الاشعاعات النووية ..

مسألة الذهاب الى حرب اقليمية أو شاملة أوسع اذا ما اعتبرنا التصعيد القائم لا يزال محدوداً مرهونة بالرد الاسرائيلي ، مدى قوته ، نتائجه ... ثم الرد على الرد من قبل اسرائيل ... ومدى تدخل الولايات المتحدة الامريكية والحلفاء الاوروبيين لاسرائيل ..

حالياً  مازالت اسرائيل قادرة على فرض واقع للقبول بالشروط الاسرائيلية وتحضى بتأييد أكبر من ضابط الحركة الولايات المتحدة ، وباتت الرغبة الاسرائيلية الامريكية في تفكيك الترسانة العسكرية لحزب الله رغبة مشتركة تتجاوز ما كان يطرح سابقاً في تنفيذ قرار مجلس الامن الدولي 1701  .. بل يتعدى ذلك الى الحديث عن شرق أوسط جديد يقوم على توازن قوى جديد وقد يشمل تغيير النظام الايراني ..

اذن اسرائيل لم تنجح فقط في تغيير الواقع على الارض لكنها ايضاً نجحت في تغيير قناعات الادارة الامريكية .. كما نجح نتنياهو في حشد الشارع الاسرائيلي الى جانب قراراته وتحركاته العسكرية ، وشهدت استطلاعات الرأي العام الأخير في اسرائيل تنامياً في المؤيدين له ولحكومته خاصة بعد الضربات التي وجهها لحزب الله .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق